عَاقِلُ الأنْدَلُس ..
نور الجندلي
في روضة من رياض الجنّة جلسوا يرتعون علماً وإيماناً وخيراً، العالمُ علمٌ من أعلام التاريخ .. مالك بن أنس، والمكانُ هو المسجدُ النّبوي .. جامعةُ العلم وملتقى طلابه الذي خرّج كبار العلماء في ذلك الزّمان .
لمّا يتحدّث مالك يطيب الحضور، ويحلو الصّمت، فلا يتردد سوى ذلك الصوت المعلّم، يلقي على الطلاب درسه المعتاد، ويتحلقون حوله، بتأدب يجلسون، ومن بقاع الأرض يقصدونه ليستزيدوا من عطائه.
وفي لحظة.. يشيعُ الصّخب ، ويعمّ الضجيجُ خارج المسجد. الحدثُ مثيرٌ - لا يُقاوم- فيلٌ في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم !
ما أروعه من حدث! فلم يدخل المدينة فيل منذ قرن من الزمان ..
الصّبيان يضحكون، يسيرون على وقع خطوات الفيل، وجوههم تتهلل بالفرح.
ما أجمله من مهرجانٍ مفاجئ، أثار البهجة في نفوس أبناء المهاجرين والأنصار وأحفادهم .
الأصواتُ تزداد وتقترب، وتطغى على صوت مالك..
ويتدافع طلاب العلم باتجاه الفيل ينظرون إليه بفرح.
يجلسُ مالكٌ وحده، يتأملُ فتياناً كان على رؤوسهم الطير منذ لحظة، ويبقى واحد ..
طالبٌ وحيدٌ يجلسُ بصمت ووقار في مكانه لا يتجاوزه .
ويلتفتُ الإمامُ إليه سائلاً ..
لمَ لمْ تقم كما قام الطلاب ؟!
فيجيب بحكمة ..
أتيتُ من الأندلس كي أراك لا أرى الفيل !
فيكبر الإمام موقفه، وتعجبه من الطالب فطنته فيقول له مثنياً : " أنت عاقلُ الأندلس "
ويسأله عن اسمه فيقول له : يحيى بن يحيى الليثي .
فيعنى به وبهمته، ويخصّه برواية من روايات الموطأ هي الأشهر والأجود بين مختلف الروايات ..
وتمضي الأيام وتبقى العبر ..
وندخل بعض مجالس علم فإذا باللهو والصخب، وكثرة الضحك واللعب، وتفرع الأحاديث وقلة الوقار، وضياع هيبة المعلم، والاستخفاف بأهمية العلم ..
فنفهم سرّ نجاحهم ووصولهم، وسر تراجعنا وهزيمتنا ..
أوليس على قدر أهل العزم تأتي العزائم ؟!
نور الجندلي
في روضة من رياض الجنّة جلسوا يرتعون علماً وإيماناً وخيراً، العالمُ علمٌ من أعلام التاريخ .. مالك بن أنس، والمكانُ هو المسجدُ النّبوي .. جامعةُ العلم وملتقى طلابه الذي خرّج كبار العلماء في ذلك الزّمان .
لمّا يتحدّث مالك يطيب الحضور، ويحلو الصّمت، فلا يتردد سوى ذلك الصوت المعلّم، يلقي على الطلاب درسه المعتاد، ويتحلقون حوله، بتأدب يجلسون، ومن بقاع الأرض يقصدونه ليستزيدوا من عطائه.
وفي لحظة.. يشيعُ الصّخب ، ويعمّ الضجيجُ خارج المسجد. الحدثُ مثيرٌ - لا يُقاوم- فيلٌ في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم !
ما أروعه من حدث! فلم يدخل المدينة فيل منذ قرن من الزمان ..
الصّبيان يضحكون، يسيرون على وقع خطوات الفيل، وجوههم تتهلل بالفرح.
ما أجمله من مهرجانٍ مفاجئ، أثار البهجة في نفوس أبناء المهاجرين والأنصار وأحفادهم .
الأصواتُ تزداد وتقترب، وتطغى على صوت مالك..
ويتدافع طلاب العلم باتجاه الفيل ينظرون إليه بفرح.
يجلسُ مالكٌ وحده، يتأملُ فتياناً كان على رؤوسهم الطير منذ لحظة، ويبقى واحد ..
طالبٌ وحيدٌ يجلسُ بصمت ووقار في مكانه لا يتجاوزه .
ويلتفتُ الإمامُ إليه سائلاً ..
لمَ لمْ تقم كما قام الطلاب ؟!
فيجيب بحكمة ..
أتيتُ من الأندلس كي أراك لا أرى الفيل !
فيكبر الإمام موقفه، وتعجبه من الطالب فطنته فيقول له مثنياً : " أنت عاقلُ الأندلس "
ويسأله عن اسمه فيقول له : يحيى بن يحيى الليثي .
فيعنى به وبهمته، ويخصّه برواية من روايات الموطأ هي الأشهر والأجود بين مختلف الروايات ..
وتمضي الأيام وتبقى العبر ..
وندخل بعض مجالس علم فإذا باللهو والصخب، وكثرة الضحك واللعب، وتفرع الأحاديث وقلة الوقار، وضياع هيبة المعلم، والاستخفاف بأهمية العلم ..
فنفهم سرّ نجاحهم ووصولهم، وسر تراجعنا وهزيمتنا ..
أوليس على قدر أهل العزم تأتي العزائم ؟!
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire